نجت مصر بصمت من واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية التي واجهتها خلال العقود الماضية، وهي أزمة نقص العملة الصعبة. أدت هذه الأزمة إلى تدهور قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار والعملات الأجنبية، لكن سرعان ما تعافى الجنيه بفضل تأمين الدولارات اللازمة من خلال صفقة ضخمة مع الإمارات العربية المتحدة.
وكشفت تقارير إعلامية أن الصفقة، التي تبلغ قيمتها 35 مليار دولار، تُعد أكبر استثمار داخلي في تاريخ مصر. ساهمت الصفقة في ضخ كميات هائلة من الدولارات التي أنقذت الاقتصاد المصري ومهدت الطريق لرفع أسعار الفائدة بشكل قياسي وتوسيع قرض صندوق النقد الدولي.
وتعود جذور أزمة العملة الصعبة إلى اعتماد مصر على مصادر محدودة للدخل من العملات الأجنبية، مثل صادرات الطاقة والسياحة ورسوم قناة السويس وتحويلات المغتربين.
و أدت ندرة العملة الصعبة إلى تراجع احتياطيات البنك المركزي من الدولارات، مما أدى إلى تدهور قيمة الجنيه في السوق السوداء.
ولكن نجحت مصر في الخروج من الأزمة من خلال:
- صفقة “رأس الحكمة” مع الإمارات: ساهمت في تحويل المشروع إلى وجهة سياحية عالمية، مما عزز الثقة في الاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات.
- رفع أسعار الفائدة: ساعد ذلك على جذب المستثمرين من خلال عوائد سنوية تزيد عن 20%.
- تعويم الجنيه: سمح ذلك بتخفيض قيمة العملة بنسبة 40% مقابل الدولار، مما أدى إلى تحسين تنافسية الصادرات المصرية.
- حصول مصر على قرض بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي: ساهم ذلك في دعم استقرار الاقتصاد وجذب المزيد من الاستثمارات.
- وبفضل هذه الخطوات، شهدت مصر تدفقًا هائلًا على سندات الخزانة بالعملة المحلية من قبل المستثمرين الأجانب.
ولكن لا تزال هناك شكوك حول مدى التزام الحكومة المصرية بتعويم الجنيه على المدى الطويل.
ويشير الخبير الاقتصادي زياد داود إلى أن حركة العملة “سلسة للغاية” لتعويم حر حقيقي.
ويؤكد البنك المركزي المصري على التزامه بمواصلة التحول إلى استهداف التضخم المتمدد.
وبشكل عام، نجحت مصر في تجاوز أزمة العملة الصعبة بفضل مجموعة من الخطوات الجريئة، لكن يبقى التزام الحكومة بتعويم الجنيه على المدى الطويل هو التحدي الأكبر.