بعد ثلاثة عقود من الاستقرار، تحرك جبل “إيه 23 إيه” الجليدي الأقدم والأضخم في العالم، المعروف بلقب “الوحش العظيم”، من قطب الجنوب نحو شمال المحيط الجنوبي، في رحلة تنتهي عادة بالذوبان والتلاشي.
أكبر جبل جليدي
في يوم الأحد الماضي، شعر إيان ستراكان وهو يجتاز بحار القطب الجنوبي على متن سفينته، بأنه يقترب من عملاق أبيض يظهر في أحد الأماكن ويختفي وراء الضباب الكثيف، وهو في الحقيقة أكبر جبل جليدي في العالم.
يروي إيان ستراكان، الذي كان يرى هذا الجبل الجليدي للمرة الأولى، لوكالة فرانس برس قائلاً “انقشعت الغيوم بعدها”، مما سمح له برؤية هذا الخط الأبيض الضخم، يمتد تقريباً على طول الأفق.
كلما تقدمت سفينته، ظهرت شقوق ضخمة وأقواس زرقاء ساحرة، محفورة في جدار الجليد، وأشار إلى أن بعض الأقواس انهارت تحت ضربات الأمواج التي ارتفاعها وصل إلى أربعة أمتار، ويبلغ مساحة جبل الجليد “إيه 23 إيه” ذو الشكل المثلث حوالي أربعة آلاف كيلومتر مربع، ويُقدَّر وزن الجبل بما يقارب ألف مليار طن ويصل سمكه في بعض الأماكن إلى 400 متر
تُوجد في هذا الجبل قوة لا تُحدَّد، تُشعرك بالتواضع والإعجاب. يبدو وكأنه قطعة من الأرض الملكية، مليئة بالأسرار والغموض. يتربع هذا العملاق الجليدي في قلب المحيط الجنوبي، بين جزيرة “إليفانت آيلند” وجزر أوركني الجنوبية.
سفينة الأبحاث القطبية
لم يكن هناك من قبل من يشهد هذا المشهد الخلاب، حتى جاءت بعثة إيان ستراكان الاستكشافية الخاصة التي تديرها شركة “إيوس إكسبيديشنز”، وفي ديسمبر/ كانون الأول الفائت، كانت سفينة الأبحاث القطبية البريطانية “آر آر إس سير ديفيد أتنبرو” تنفّذ مهمة علمية في القارة القطبية الجنوبية عندما تبيّن أن “إيه 23 إيه” يعيق طريقها.
ويصف قائد البعثة أندرو مايرز هذه اللحظة بأنها سحرية، حيث اقتربت سفينته من الجبل الجليدي، وظهرت الشمس بكل ألقها، وكانت مجموعة من الحيتان القاتلة تسبح بجواره، كأنها تحيي هذا العملاق الثلجي بروعتها وجمالها.
تفصلت الجبال الجليدية “إيه 23 إيه” عن ساحل القطب الجنوبي للمرة الأولى في عام 1986، مما يجعلها في الوقت نفسه الأقدم والأكبر في العالم.
ومع ذلك، علقت بسرعة في المياه الضحلة للمحيط، وظلت ثابتة في موقعها لمدة تقارب ثلاثة عقود، وفي عام 2020، لاحظ أندرو فليمنغ من “بريتيش أنتركاتيك سورفي” أيضًا، استنادًا إلى الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية، أن العملاق الجليدي “يتأرجح” بشكل ملحوظ.